بحث عن التنمّر:المتنمّرين و ضحايا التنمّر

بحث عن التنمّر:المتنمّرين و ضحايا التنمّر

الثقة بالنفس

فريق عمل برنامجك التدريبي

2/16/20251 دقيقة قراءة

التنمّر
التنمّر

مفهوم التنمّر

التنمر هو ظاهرة سلبية تؤثر على الكثير من الأشخاص في مختلف البيئات. يتمثل في سلوك عدواني متكرر، حيث يسعى المتنمر إلى السيطرة أو إلحاق الأذى بالضحية، سواء بدنيًا أو نفسيًا. على سبيل المثال، قد يقوم المتنمر بالاعتداء الجسدي على زميل في المدرسة، أو استخدام السخرية والإهانة بشكل مستمر. ومن الأمثلة الأخرى للتنمر النفسي، نشر الشائعات أو العزلة الاجتماعية للضحايا، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس وأثر نفسي سلبي. يترافق التنمر مع عدم توازن في القوة، حيث يُظهر المتنمر قوته على حساب ضعف الضحية. ومن المهم فهم تأثيره، حيث يمكن أن يترك آثارًا سلبية تدوم طويلاً، مما يستدعي اهتمام المجتمع والعمل معًا لوضع حد لهذه الظاهرة المؤلمة.

من هو المتنمّر (تحليل شخصيّة المتنمّر)

المتنمر شخص معقد، وليس من السهل فهم تصرفاته. في كثير من الأحيان، يكون لديه رغبة قوية في السيطرة وإثبات قوته على الآخرين. قد يكون عدوانيًا، لا يهتم بمشاعر الآخرين، ويريد دائمًا أن يكون الشخص الأقوى في المجموعة (يون وآخرون، 2014). لكن الغريب أن بعض المتنمرين لديهم مهارات اجتماعية جيدة، فهم يعرفون كيف يتحدثون مع الناس ويكسبون ثقتهم، لكنهم يستخدمون هذه المهارات بطريقة خاطئة، مثل خداع الآخرين أو تخويفهم بدلاً من بناء صداقات حقيقية (يون وآخرون، 2014).

لكن لماذا يصبح بعض الناس متنمرين؟ في الحقيقة، هناك عدة أسباب. أولاً، البيئة التي يكبر فيها الشخص تلعب دورًا كبيرًا. إذا نشأ الطفل في منزل مليء بالمشاكل أو العنف، فقد يتعلم أن القوة والعدوانية هما الطريقة الوحيدة للحصول على ما يريد. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يرى أحد والديه يصرخ باستمرار على الآخرين أو يستخدم العنف لحل المشاكل، فقد يعتقد أن هذا السلوك طبيعي ويبدأ في تقليده.

ثانيًا، الأصدقاء والمجتمع يمكن أن يؤثروا على سلوك الشخص. في بعض الأحيان، يشعر المراهق بأنه بحاجة إلى إثبات نفسه أمام أصدقائه، فيبدأ في التنمر على الآخرين ليبدو قويًا أو ليكسب احترام زملائه. على سبيل المثال، في المدرسة، قد يكون هناك طالب يتمتع بشعبية كبيرة، وعندما يسخر هذا الطالب من شخص آخر، يضحك الجميع ويتبعونه. هذا يجعل التنمر يبدو وكأنه أمر مقبول أو حتى ممتع، مما يشجع الآخرين على فعل الشيء نفسه (تولماتشيف وآخرون، 2022).

لكن المشكلة أن التنمر لا يؤذي الضحية فقط، بل يؤثر أيضًا على المتنمر نفسه. فالشخص الذي يعتمد على القوة والسيطرة في تعاملاته مع الآخرين قد يجد صعوبة في بناء علاقات حقيقية وصحية في المستقبل. قد يصبح وحيدًا أو يواجه مشكلات في العمل أو في حياته الشخصية لأنه لم يتعلم كيف يكون شخصًا متفهمًا ولطيفًا مع الآخرين.

لذلك، من المهم أن يدرك الجميع أن القوة الحقيقية ليست في تخويف الآخرين، بل في القدرة على فهمهم والتعامل معهم باحترام. إذا كنت تعرف شخصًا يتنمر على الآخرين، فحاول ألا تشجعه، ولا تضحك على أفعاله، لأن هذا يجعله يظن أن ما يفعله صحيح. وإذا كنت تتعرض للتنمر، فلا تبقى صامتًا، بل تحدث مع شخص تثق به مثل معلمك أو أحد والديك، لأنهم يمكنهم مساعدتك في التعامل مع الموقف بطريقة صحيحة.

من هم ضحايا التنمّر (تحليل شخصيّة ضحيّة التنمّر)

الضحايا هم الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر، وغالبًا ما يكون لديهم صفات تجعلهم هدفًا سهلاً. قد يكونون خجولين، يفضلون العزلة، أو يبدون مختلفين عن بقية زملائهم بطريقة ما (لي وآخرون، 2015). أحيانًا، يتعرض الطفل للتنمر لأنه لا يتحدث كثيرًا، أو لأنه يحب قضاء وقته في الرسم أو القراءة بدلاً من اللعب مع الآخرين. في أحيان أخرى، يكون السبب شكله الخارجي، مثل طوله أو وزنه، أو حتى طريقة كلامه (بيغوزي وجونز، 2015).

التنمر لا يحتاج إلى سبب منطقي. بعض المتنمرين يسخرون من الآخرين لمجرد أنهم يرتدون نظارات، أو لديهم لكنة مختلفة، أو لأنهم متفوقون في الدراسة. على سبيل المثال، قد يكون هناك طالب مجتهد يحصل دائمًا على درجات عالية، وهذا يجعله عرضة للسخرية من بعض زملائه الذين ينادونه بأسماء مثل "العبقري" بطريقة تهكمية، فقط لأنه مختلف عنهم.

الآثار النفسية للتنمر خطيرة جدًا. الشخص الذي يتعرض له باستمرار قد يشعر بالخوف والقلق طوال الوقت، حتى في الأماكن التي من المفترض أن تكون آمنة، مثل المدرسة أو النادي. قد يبدأ في التفكير بأنه أقل قيمة من الآخرين، ويفقد الثقة بنفسه. بعض الضحايا يشعرون بالحزن الشديد أو حتى الاكتئاب، مما يجعلهم يفضلون البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى المدرسة (فيسي وأونيل، 2010). وهذا قد يؤثر على دراستهم، لأنهم يجدون صعوبة في التركيز أو المشاركة في الفصل خوفًا من التعرض للسخرية.

لكن هل يجب على الضحية أن تبقى صامتة؟ بالطبع لا. من المهم أن يتحدث الشخص الذي يتعرض للتنمر مع شخص يثق به، مثل أحد والديه أو معلمه. بعض الأطفال يخشون التحدث لأنهم يعتقدون أن الأمر سيزداد سوءًا إذا أخبروا أحدًا، لكن في الواقع، الصمت يجعل الأمور أصعب. عندما يعرف البالغون بالمشكلة، يمكنهم التدخل وإيجاد طريقة لحمايته.

أيضًا، من المهم أن يدرك الجميع أن مجرد مشاهدة التنمر دون فعل شيء يجعله يستمر. إذا رأيت شخصًا يتعرض للتنمر، لا تضحك مع المتنمر أو تشجعه. بدلًا من ذلك، حاول دعم الضحية بكلمات بسيطة مثل "لا تهتم لكلامهم" أو "تعال نجلس معًا". هذه التصرفات الصغيرة قد تجعل الشخص يشعر بأنه ليس وحيدًا.

التنمر ليس مجرد مزحة، بل هو مشكلة حقيقية تؤثر على حياة الكثير من الناس. إذا فهمنا كيف يحدث التنمر، سنتمكن من إيجاد طرق فعالة لمواجهته والتعامل معه.

مجابهة التنمّر

مواجهة التنمر تحتاج إلى جهود من عدة جهات، ولا يمكن حل المشكلة بطريقة واحدة فقط. المعلمون وإدارة المدرسة لهم دور كبير في التعامل مع حالات التنمر، لكن المشكلة أن كثيرًا من المعلمين يشعرون بأنهم غير مستعدين للتعامل مع هذه المواقف بشكل فعال (فودي وآخرون، 2018؛ فيرسفيلد وآخرون، 2020). وهذا أمر طبيعي، لأن التعامل مع المتنمرين والضحايا يحتاج إلى مهارات خاصة، وليس كل معلم يتلقى تدريبًا كافيًا على ذلك.

لذلك، من المهم أن تحصل المدارس على برامج تدريبية تساعد المعلمين على التعرف على حالات التنمر وكيفية التعامل معها (فينيت وآخرون، 2023). تخيل أن هناك طالبًا يتعرض للسخرية المستمرة من زملائه في الفصل، لكنه لا يشكو لأي شخص. إذا كان المعلم مدربًا جيدًا، فسيلاحظ العلامات مثل عزلة الطالب أو تغيّر سلوكه، وسيعرف كيف يتدخل بطريقة صحيحة لحمايته دون إحراجه.

لكن حل المشكلة لا يقع فقط على عاتق المعلمين، فالبيئة المدرسية ككل يجب أن تكون داعمة وآمنة. عندما يشعر الطلاب بأنهم يستطيعون التحدث بحرية عن مشكلاتهم دون خوف، يصبح من الأسهل التعامل مع التنمر (فيسي وأونيل، 2010). على سبيل المثال، إذا كان هناك صندوق شكاوى سري في المدرسة، أو إذا كانت هناك جلسات دورية لمناقشة المشكلات بين الطلاب والمعلمين، فإن ذلك يساعد في خلق بيئة يشعر فيها الجميع بالأمان.

من جهة أخرى، لا يجب أن نركز فقط على منع التنمر، بل يجب أيضًا أن نساعد الضحايا على أن يصبحوا أقوى وأكثر قدرة على مواجهة الموقف. هناك برامج يمكن أن تساعد الطلاب الذين تعرضوا للتنمر على بناء ثقتهم بأنفسهم، وتعلم مهارات اجتماعية تجعلهم أقل عرضة للاستهداف (وسيم وآخرون، 2014). على سبيل المثال، يمكن للطالب الذي يعاني من قلة الثقة بالنفس أن ينضم إلى نشاط مدرسي مثل الرياضة أو المسرح، مما يساعده على تكوين صداقات جديدة ويجعله يشعر بأنه جزء من مجموعة قوية.

أيضًا، دور الأصدقاء مهم جدًا. عندما يتدخل زملاء الدراسة لحماية شخص يتعرض للتنمر، فإن ذلك يرسل رسالة واضحة بأن هذا السلوك غير مقبول (يوسف وآخرون، 2023). تخيل أنك رأيت شخصًا يسخر من زميل لك في ساحة المدرسة، فإذا قمت أنت وأصدقاؤك بالوقوف بجانب الضحية وقلتم للمتنمر: "هذا ليس مضحكًا، توقف عن ذلك"، فغالبًا لن يستمر المتنمر في سلوكه.

أخيرًا، الشعور بالانتماء للمجتمع المدرسي يمكن أن يقلل من تأثير التنمر بشكل كبير (لي وآخرون، 2015). عندما يشعر الطالب بأنه ليس وحده، وأن هناك من يهتم لأمره ويدعمه، يصبح من الأسهل عليه مواجهة أي مشكلة. لهذا، من المهم أن تعمل المدارس على تعزيز الروابط بين الطلاب، وتشجيع الأنشطة الجماعية التي تجعل الجميع يشعرون بأنهم جزء من فريق واحد.

المصادر التي اعتمدنا عليها في كتابة بحث التنمّر


المراجع:

فينيت، سي.، فاندبوش، هـ.، لوبون، أ.، وكولبين، هـ. (2023). دعم المعلمين للاستجابة الفعالة للتنمر وبناء علاقات إيجابية مع طلابهم: تأثيرات تدريب T-Support. Frontiers in Psychology, 14.

فودي، م.، مورفي، هـ.، داونز، ب.، ونورمان، ج. (2018). إجراءات مكافحة التنمر في المدارس في أيرلندا: استجابات وتصورات المديرين. Pastoral Care in Education, 36(2), 126-140.

لي، ي.، تشين، ب.، تشين، ف.، وو، و. (2015). أدوار القدرية ودعم الوالدين في العلاقة بين تعرض الطلاب للتنمر وسلوك المتفرجين. School Psychology International, 36(3), 253-267.

باوكستات، ب. وسالين، د. (2020). العلاقات الاجتماعية للضحايا كمقدمات ونتائج للتنمر في بيئة العمل: منظور الشبكات الاجتماعية. Frontiers in Psychology, 10.

بيغوزي، ب. وجونز، أ. (2015). تجارب الممرضات المدرسيات في التعامل مع مواقف التنمر بين الطلاب. The Journal of School Nursing, 32(3), 177-185.

ثورنبيرغ، ر. (2011). “إنها غريبة!” – البناء الاجتماعي للتنمر في المدارس: مراجعة للأبحاث النوعية. Children & Society, 25(4), 258-267.

تولماتشيف، ك.، غالاند، ب.، روسكام، إ.، وفينسترا، ر. (2022). فعالية فك الارتباط الأخلاقي والمعايير الاجتماعية كعناصر لمكافحة التنمر: تجربة عشوائية محكومة. Child Development, 93(6), 1873-1888.

فيرسفيلد، م.، فاكيس، م.، فوكينك، ر.، وأوستدام، ر. (2020). تجارب المعلمين مع مواقف التنمر الصعبة في المدرسة: دراسة استكشافية. The Journal of Early Adolescence, 41(1), 43-69.

فيسي، ج. وأونيل، ك. (2010). مساعدة الطلاب ذوي الإعاقات على التعامل بشكل أفضل مع مواقف السخرية والتنمر. The Journal of School Nursing, 27(2), 139-148.

وسيم، م.، بوتين-فوستر، ك.، روبينز، ل.، غونزاليس، ر.، فارغاس، س.، وبيترسون، ج. (2014). وجهات نظر حول التنمر بين الأطفال الذين يحضرون إلى قسم الطوارئ بسبب سوء السلوك السلوكي. Pediatric Emergency Care, 30(11), 793-797.

يون، ج.، سولكوفسكي، م.، وباومان، س. (2014). استجابات المعلمين لحوادث التنمر: تأثير خصائص المعلم والسياقات. Journal of School Violence, 15(1), 91-113.

يوسف، إ.، حكمت، ر.، مردية، أ.، كورنياوان، ك.، وأميرة، إ. (2023). مراجعة استكشافية للتدخلات عبر الإنترنت من قبل الممرضين للحد من التأثير السلبي للتنمر على الطلاب. Journal of Multidisciplinary Healthcare, Volume 16, 773-783.