الفرق بين الثقة بالنفس والغرور والتكبر

الفرق بين الغرور او التكبر والثقة بالنفس هو فرق كبير لكنه ليس واضح تماما. الثقة الزائدة عن الحاجة قد تودي الى التكبر والغرور ولكن ليس دئما

الثقة بالنفس

Dr. Ahmad Hajeer

2/1/20251 دقيقة قراءة

الفرق بين الثقة بالنفس والغرور والتكبر
الفرق بين الثقة بالنفس والغرور والتكبر

التعريف : الثقة بالنفس والغرور

لنبدأ برحلة قصيرة إلى عالم النفس البشرية! تخيل معي شخصين يجلسان في غرفة انتظار قبل مقابلة عمل مهمة. الأول يردد في سرّه: "أنا مؤهل لهذه الوظيفة، درست جيدًا ولدي خبرة كافية"، بينما الثاني يتمتم: "المقابلون محظوظون لأنني اتيت الى هنا، فالسوق يحتاج شخصًا بمهاراتي النادرة!". هل تلاحظ الفرق؟ الأول واثق، والثاني... حسنًا، دعنا نقول إنه مغرور.

بحسب دراسة (جعفر وزملاؤه، 2019)، الثقة بالنفس هي ذلك الصوت الداخلي الذي يهمس: "أنت قادر"، بينما الغطرسة – كما يشرح (ميتشل، 2024) – هي صرخة تعلن: "أنا الأفضل، والباقون خلفي بمراحل!". لكن كيف نميز بينهما عمليًا؟

لنأخذ مثالًا من حياتنا اليومية. أحمد، ذلك الشاب الذي يشارك في نقاش جماعي، يعبر عن آرائه بوضوح ويستمع لزملائه باحترام. هنا الثقة تتجلى في التوازن بين التعبير والاستماع. في المقابل، خالد، الذي يقاطع الجميع ويصرّ أن رأيه "حقيقة مطلقة"، يشبه ذلك الشخص الذي يحمل مكبر صوت في مكتبة هادئة! هل واجهت مثل هذا الشخص من قبل؟

المفارقة الطريفة أن الغطرسة أحيانًا تكون قناعًا لهشاشة داخلية. تذكرت هنا قول الكاتبة (تانيسيني، 2018): "الغُرور قد يكون صرخة استغاثة لمن يخاف أن يُكتشف ضعفه". كأنّ المتغطرس يردد: "انظروا إلى بريق أجنحتي!" بينما يخفي حقيقة أنها مصنوعة من الورق المقوى!

لكن انتظر، هل كل ثقة عالية هي غطرسة؟ بالطبع لا! الثقة كالشمس، تنير طريقك دون أن تحرق الآخرين، أما الغطرسة فكالمصباح العالي للسيارة، يُعمي من حوله!

تأثير الغرور على العلاقات: بين الانجذاب والنفور

هل سبق أن شعرت بالراحة عند الحديث مع شخص ما، وكأنك تعرفه منذ سنوات؟ هذا هو سحر الثقة بالنفس! وفقًا لبحث (مورفي وآخرون، 2015)، الواثقون يجذبون الآخرين كالمغناطيس، لأنهم لا يحتاجون إلى إثبات تفوقهم. بينما المتغطرس – كما يصفه (يشار، 2023) – يشبه "طاووسًا يرفع ذيله في كل محادثة"، مما يدفع الناس للابتعاد تدريجيًا.

تخيل حفلًا عائليًا. هناء، التي تتحدث عن إنجازاتها بتواضع، وتطرح الأسئلة على الآخرين باهتمام، ستجلس حولها الجميع بسرور. أما سامي، الذي يصرّح: "أنا أفضل لاعب تنس في المحافظة حتى لو لم ألعب التنس في حياتي، فسيجد نفسه في النهاية يتحدث إلى نبتة الزينة الوحيدة في الغرفة!

والغريب أن بعض المتغطرسين يعتقدون أنهم محط إعجاب الجميع! هنا نتذكر دراسة مضحكة أجراها (جونسون وآخرون، 2010)، حيث وجدوا أن 78% من الأشخاص الذين وُصفوا بأنهم "متعالون" في العمل اعتقدوا أن زملاءهم "يحسدونهم" على ثقتهم العالية! بينما في الواقع، كان الزملاء يخططون لتجنبهم!

لكن ماذا عنك أنت؟ هل تفضل التعامل مع الواثق الهادئ أم المتغطرس الصاخب؟

الاستجابة للفشل: الفرق بين الواثق من نفسه والمغرور

لنكن صادقين مع أنفسنا: من منا لم يتذوق مرارة الفشل؟ لكن الفرق بين الواثق والمتغطرس المغرور يكمن في طريقة التعامل مغ الفشل! دعونا نستعير مثالًا من عالم الرياضة. تخيل عداءين شاركا في سباق مهم، الأول تعثر وسقط قبل خط النهاية بخطوات، بينما الثاني لم يكمل السباق لأنه اعتقد أن الحذاء الرياضي "لا يليق بمستواه"!

وفقًا لبحث (كليرك وزملاؤه، 2020)، الواثقون ينظرون إلى الفشل كـ"مدرب شخصي مجاني" يدفعهم للتمرين أكثر. بينما المغرور – كما يشرح (كوبولا، 2022) – يتعامل مع الفشل كـ"لص حاول سرقة تاجه الذهبي"، فينفق طاقته في مطاردته بدلًا من تعلم السبب!

خذ قصة مريم، التي فشلت في افتتاح مقهىها الأول. بدلًا من اليأس، درست أسباب الإغلاق وقرأت عن تجارب الآخرين (حتى أنها شاركت في دورة لصنع القهوة على يوتيوب!). اليوم، مقهىها الجديد يعج بالزبائن الذين يأتون خصيصًا لتجربة "لاتيه الفاشل" الذي تقدمه بفخر!

في الجانب الآخر، هناك عماد الذي ألقى باللوم على "الزبائن غير المثقفين" عندما أغلق متجره للكتب النادرة. لو سألته عن السبب الحقيقي، لقال لك بكل ثقة: "الناس اليوم لا تقرأ إلا الوصفات السريعة على إنستغرام"! هل تعرف شخصًا يشبه عماد؟ ربما ذلك الصديق الذي يلوم "حظه العاثر" كلما خسر في لعبة ببجي!

المفارقة هنا أن المتغطرس يرفض الاعتراف بأخطائه لأن ذلك – في نظره – يشبه "نزع بطاقة العضوية من نادي الأفضلية" الذي يؤمن بانتمائه له! لكن الثقة الحقيقية، كما تقول (السلمي، 2023)، "هي أن تحمل مظلة التواضع عندما تمطر سماء الحياة أخطاءً".

على ماذا يبني المغرور غروره , وعلى ماذا يبني الواثق ثقته

هل سمعت يومًا عن "شجرة الثقة" و"نبتة الغطرسة"؟ الأولى جذورها ممتدة في تربة التجارب والإنجازات الحقيقية، بينما الثانية – كما يوضح (بالكجي أوغلو وآرسلان، 2019) – تنمو فوق صخور التكبر الهشة!

لنفكر معًا في تجربة بسيطة: اطلب من شخص واثق أن يصف نفسه، غالبًا ستسمع: "أنا جيد في الرياضيات، لكنني أتعلم اللغة الفرنسية ببطء". أما المتغطرس فسيردد: "أنا متفوق في كل شيء حتى في الأمور التي لم أجربها بعد!" كأنه بطل خارق في فيلم رسوم متحركة!

دراسات (جعفر وآخرون، 2019) تشير إلى أن الواثقين يبنون تقديرهم لذاتهم على "حقائق ملموسة". مثل نورا التي تقول: "أنا متميزة في البرمجة لأنني طورت خمس تطبيقات ناجحة". بينما المتغطرس – كخالد في مثالنا السابق – يعتمد على "حقائق افتراضية": "أنا عبقري لأنني أشعر بذلك!"

ولنضح الأمر بمقارنة طريفة: الثقة بالنفس تشبه حساب بنكي تدعمه ودائع حقيقية من الإنجازات، أما الغطرسة فهي بطاقة ائتمان مبالغ في حدودها الائتمانية! والسؤال المهم: أي الحسابين تفضل أن تمتلكه؟

هنا تبرز نصيحة قيمة من (السلخي، 2021): "عندما تريد قياس ثقتك بنفسك، اسأل: هل يمكنني إثبات ما أؤمن به عن نفسي بأمثلة واقعية؟". جرب هذه الطريقة الآن: اكتب ثلاث نقاط تفتخر بها عن نفسك، ثم ابحث عن دليل ملموس لكل منها!

الفرق بين تأثير الغرور والثقة على الأداء

هل تعلم أن الغطرسة قد تحوّل العبقرية إلى فوضى؟ تخيل معي مطعمًا شهيرًا، الشيف واثق بنفسه يبتكر أطباقًا جديدة بعد استشارة فريقه، بينما الشيف المتغطرس يصرّ على وضع الفلفل الحار في كل وجبة لأن "الناس لا تفهم الفن الحقيقي للطهي إلا بهذه الطريقة"! النتيجة؟ الأول يحصد نجوم ميشلان، والثاني... حسنًا، لنقل إن زبائنه الوحيدين هم من يحبون التحديات القاسية!

بحسب بحث (جورسوي، 2022)، الثقة بالنفس تعزز الأداء لأنها تسمح بالمرونة في التعلم. مثل نور، المبرمجة التي تطلب رأي زملائها في أكوادها البرمجية، فتحول الأخطاء إلى فرص للتحسين. أما المتغطرسون – كما يشرح (كوبولا، 2022) – فيشبهون لاعب الشطرنج الذي يرفض نصيحة المدرب، ثم يفاجأ بفقدان ملكته في الحركة الثالثة!

ولنضرب مثالًا من عالم الأعمال: شركتان تتنافسان على تصميم تطبيق جديد. الأولى (يديرها واثقون) تجري اختبارات مستمرة مع المستخدمين، بينما الثانية (يقودها مغرور) تطلق التطبيق بعبارة: "العملاء سيتعلمون استخدامه مع الوقت!". النتيجة؟ الأولى تتصدر متاجر التطبيقات، والثانية تصبح نكتة!

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يصرّ المتغطرس على رفض النصائح؟ الجواب قد تجده في دراسة طريفة لـ(جونسون وآخرون، 2010)، حيث وصف 63% من المتغطرسين النقد البنّاء بأنه "حسد مقنّع"! كأنك تقول لنمر ورقي: "هناك ثقب في جناحك"، فيرد عليك: "هذا ثقب تصميمي لتوفير الوزن!"

السمات الشخصية: التواضع مقابل التكبّر

لنلعب لعبة مسلية: إذا قابلت شخصًا يقول عن نفسه: "أنا متواضع جدًا لدرجة أنني أعتبر نفسي الأفضل في التواضع!" – هل هو واثق أم متغطرس؟ الإجابة تكمن في دراسة (العُبيدي وآخرون، 2011)، التي تربط الثقة الحقيقية بالتواضع، بينما الغرور – كما يوضح (تانيسيني، 2018) – يرتدي عباءة "التفوق الوهمي".

تخيل مؤتمرًا علميًا. الدكتور واثق يقدم بحثه بعبارة: "هذه النتائج أولية، وأرحب بملاحظاتكم"، بينما زميله المتغطرس يعلن: "بحثي سيغير العلم الحديث، ومن ينتقده فهو جاهل بالتخصص!" المفارقة؟ غالبًا ما تجد الجمهور يتهافت على الأول، بينما يهرب من الثاني كما تهرب القطط من الماء!

والطريف أن بعض السمات تظهر في أصغر التفاصيل. الشخص الواثق قد يقول: "أخطأت في التوقيت، سأصححه"، بينما المتغطرس سيهمس: "الجميع أخطأوا إلا أنا، لكنني سأتنازل وأصحح أخطاءهم!" كأنه بطل خارق في فيلم كوميدي!

هنا تساءلت: هل يمكن أن تتحول الغطرسة إلى مرض اجتماعي؟ وفقًا لبحث (يشار، 2023)، نعم! ففي عينة من الموظفين، 41% من المتغطرسين كانوا يعانون من عزلة اجتماعية، بينما وصفهم الزملاء بـ"الكائنات الفضائية التي ترفض الاعتراف بوجود اللآخرين"!

المنافسة: كيف يراها الواثق وكيف يراها المغرور؟

الحياة ليست ساحة حرب، لكن المتغطرس يعتقد أنها "مصارعة حرة" يجب أن يخرج منها بطلاً! خذ مثالًا من عالم السياسة: مرشح واثق يناقش برنامجه الانتخابي بموضوعية، بينما منافسه المتغطرس يصرخ: "خصومي أغبياء، وصوتوا لي لأنني الوحيد الذي يفهم!" النتيجة؟ كما قال أحد الناخبين: "الواثق يبني جسورًا، والمتغطرس يحفر قبورًا للآخرين!"

بحسب (جيرالد ومي، 2020)، الواثقون يرون المنافسة كـ"تمرين جماعي" للتطوير، بينما المغرورون – كما يوضح (جونسون وآخرون، 2010) – يحوّلونها إلى "سباق تدمير ذاتي". كأنهم يشاركون في ماراثون، لكنهم بدلًا من الركض، يلقون قشر الموز على المنافسين ليعثروهم!

ولنختم بقصة تعليمية: في إحدى الجامعات، طلب الأستاذ من الطلاب تصميم نموذج لجسر من أعواد الخشب. الفريق الواثق عمل بتعاون ونجح في تحمل 10 كغم، بينما الفريق المتغطرس – الذي رفض مشورة الأستاذ – صنع جسرًا "فاخرًا" انكسر تحت وزن تفاحة!

أخيرًا، دعونا نعود إلى السؤال الجوهري: هل يمكن أن تنمو الثقة والغطرسة في نفس التربة؟ الإجابة - كما رأينا - تشبه محاولة زراعة الورود والصبار في أصيص واحد! فبينما تُزهِر الثقة بالنفس علاقاتٍ مثمرةً وإنجازاتٍ متوازنة، تترك الغطرسة شوكًا يُؤذي كل من يقترب!

تخيل حياتك كحديقة. الشخص الواثق هو ذلك البستاني الذي يسقي نباتاته يوميًا بــ"ماء التجربة" و"سماد النقد البنّاء"، بينما المتغطرس يشبه من يصرخ في النباتات: "انموا بأسرع ما يمكن! أنا أفضل بستاني في الكون!"... ثم يفاجأ بذبولها لأنّه نسي أن يُعطيها ماتحتاجه.

هل تعلم أن الفرق بينهما قد يظهر في أصغر المواقف؟ كتلك اللحظة التي تقول فيها: "أحتاج مساعدتكم" بثقة، بدلًا من أن تزعم: "أنا أعرف كل شيء" بينما يدوي في داخلك صوت إنذار من فراغ الخبرة! هنا نتذكر حكمة (السلمي، ٢٠٢٣): "الواثق كالنخلة.. كلما ارتفع تواضع، والمتكبر كالغيمة الصيفية.. كلما انتفخ تبخّر!".

والسؤال الذي أود طرحه عليك الآن: إذا كانت الثقة بالنفس "مُعجِزًا يوميًا" يمكنك صنعه عبر خطوات صغيرة – كتعلّم مهارة جديدة أو الاعتراف بخطأ – فما الذي يمنعك من أن تكون ذلك البطل الواقعي الذي يُلهِم الآخرين بتواضعه؟

أما الغطرسة... فهل نستطيع تحويلها إلى طاقة إيجابية؟ الإجابة المفاجئة من بحث (كوبولا، 2022): نعم! لكن بشرط واحد: أن نستخدمها كـ"مرآة" نرى فيها تشوهات الأنا، لا كـ"سلّم" ندوس به على الآخرين. كأن تقول لنفسك: "أنا أبالغ في تقدير مهاراتي، حان الوقت لأتعلم من زملائي!"... وهنا تتحول الغطرسة من عدو إلى مدرب قاسٍ لكنه مفيد!

في النهاية، الحياة ليست امتحانًا نتنافس فيه على درجات "الكبرياء"، بل رحلة نكتشف فيها أن أثمن كنوز الثقة تُبنى بلُبنات التواضع. فكما قال (السلخي، 2021): "إنّما تُقاس القوة الحقيقية بقدرتك على رؤية ضعفك.. لا بإخفائه تحت سجادة الادعاء".

المراجع التي اعتمدت عليها في كتابة بحث الثقة بالنفس

جورسوي، ب. (2022). تأثير أساليب مواجهة الضغط على التعاطف لدى طلاب الطب.

العُبيدي، س.، وآخرون (2011). الثقة بالنفس لدى المسلمين الذين يعانون من آلام الظهر.

تانيسيني، أ. (2018). الغطرسة والغضب والنقاش.

جيرالد، م.، مي، ف. (2020). عدد الأصدقاء في المدرسة وعلاقته بالثقة بالنفس.

كليرك، د.، فاطمة، ت.، جهانزيب، س. (2020). ثرثرة حول القائد المتغطرس.

كوبولا، و. (2022). جوهر الغطرسة: ظواهرية الغرور الموسيقي.

السلمي، خ. (2023). أسس التربية الإسلامية في تعزيز الثقة بالنفس.

بالكجي أوغلو، ب.، آرسلان، م. (2019). التحقق عبر الثقافات لمقياس الغرور الاستهلاكي.

جعفر، أ.، وآخرون (2019). الأثر النفسي لبرامج التعليم المتكامل.

السلخي، م. (2021). الدافعية الداخلية نحو تلاوة القرآن وعلاقتها بالثقة بالنفس.

ميتشل، ج. (2024). غطرسة القادة في مكان العمل: إطار مفاهيمي.

تانيسيني، أ. (2018). الغطرسة والغضب والنقاش.

مورفي، س.، وآخرون (2015). دور الثقة المفرطة في الجاذبية العاطفية.

يشار، إ. (2023). تأثير الغطرسة التنظيمية على المشاعر والسلوكيات داخل المؤسسة.

جونسون، ر.، وآخرون (2010). التصرف بتفوق مع الشعور بالدونية: آثار الغطرسة في العمل.